حددت نائبة الرئيس كامالا هاريس بشكل صحيح واحدة من أكبر مشاكل أميركا عندما قالت «هناك نقص خطير في الإسكان»، إذ أن أزمة الإسكان بأسعار معقولة في أميركا تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في الثروة، وتدفع الآباء من ذوي الدخل المنخفض إلى العيش في أحياء ذات قدرة أقل على الارتقاء الاجتماعي وتقلل من قدرة بلدنا على النمو الاقتصادي والابتكار والتكيف مع الصدمات الإقليمية. لسوء الحظ، تبدو الحلول المقترحة التي طرحتها صغيرة للغاية وموجهة بشكل سيئ للغاية لتوليد ما يكفي من المساكن بأسعار معقولة، خاصة في الأماكن الأكثر إنتاجية في أميركا.
الواقع أن رئيسنا القادم قادر على فعل الكثير لحل مشكلة نقص المساكن في أميركا، والتي ترجع جذورها إلى اللوائح التي سنتها عدد لا يحصى من البلديات. 
إن معالجة مثل هذه المشكلة الكبيرة تتطلب حلاً قوياً. فقد سجلت الإيجارات ارتفاعاً بنسبة 6.5% سنوياً منذ بداية إدارة بايدن وتستمر في الارتفاع حتى مع انخفاض التضخم الإجمالي. وتشير تقارير الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين إلى أن متوسط ​​سعر البيع لمنزل عائلي واحد قائم بلغ 422 ألف دولار في الربع الثاني من عام 2024. وينفق نصف المستأجرين أكثر من 30% من دخلهم على الإيجار، وينفق حوالي ربعهم أكثر من نصف دخلهم على تكاليف الإسكان. وتجعل الأسعار المرتفعة وأسعار الفائدة المرتفعة امتلاك المساكن بعيداً عن متناول الملايين من الناس.
ولكن أميركا لم تكن على هذا النحو دوماً. ففي عشرينيات القرن الماضي، كانت المساكن في مدينة نيويورك في متناول سكانها الفقراء لأن المدينة كانت تسمح ببناء ما يصل إلى مائة ألف وحدة سكنية سنوياً. وبعد الحرب العالمية الثانية، نجح بناة مثل الأخوين ليفيت في خفض التكاليف من خلال تطبيق تقنيات الإنتاج الضخم على المساكن الجديدة. ولكن في تلك الأيام الأولى، كان للبنائين ميزة واضحة: فلم يكن السكان الحاليون يسيطرون على عملية الترخيص، وكانت عملية تقسيم المناطق لا تزال تستوعب النمو. والواقع أن الخوف من التغيير، وخاصة التغيير الذي يطرأ على الحي الذي يسكنه المرء، أمر ثابت، ولكن قدرة السكان على منع المشاريع تفاقمت منذ ذلك الحين.
ومن ناحية أخرى، فإننا ببساطة لا نبني ما يكفي من المساكن، وخاصة في المناطق الساحلية حيث الطلب الأكبر. وبالنسبة للفرد، كان هناك أقل من نصف التصاريح في عام 2023 مقارنة بعام 2003 أو 1973.
لكن الأمر الجديد والسيئ هو أن حتى تلك الأماكن في البلاد التي كانت تاريخيا تبني الكثير من المساكن وبالتالي تقدم بدائل أقل تكلفة ــ مثل أوستن في ولاية تكساس، ورالي بولاية كارولينا الشمالية ــ شهدت أيضاً زيادات كبيرة في الأسعار، وربما يرجع ذلك إلى انخفاض البناء في أحيائها الأكثر جاذبية. ونأمل أن يكون هذا مجرد خلل مؤقت.
وكما أدرك العديد من المراقبين بالفعل، فإن السكان جعلوا من الصعب بشكل خاص البناء في أكثر المناطق إنتاجية في أميركا، مثل وادي السليكون، مما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي الأميركي أقل بكثير مما كان سيصبح عليه لو كان بإمكان الناس الانتقال إلى حيث الوظائف ذات الأجور الأعلى. نحن نجعل من السهل أيضاً البناء في المناطق ذات البصمات الكربونية العالية لأنها شديدة الحرارة أو شديدة البرودة، لكننا نجعل من الصعب البناء في المناطق حيث تكون انبعاثات الكربون منخفضة بشكل طبيعي بسبب المناخ المعتدل.
في الكشف عن بدايات برنامجها الاقتصادي، أعلنت كامالا هاريس عن خطة إسكان تتضمن إعانات لدعم الطلب مثل تقديم 25 ألف دولار لكل مشتري منزل لأول مرة. لكن المشكلة مع أي سياسة تمنح المزيد من المال للمشترين هي أنها تدفع الطلب إلى الارتفاع، الأمر الذي يؤدي فقط إلى ارتفاع الأسعار أكثر، حيث قل المعروض من المساكن بسبب معارضة التنمية.
وهناك اقتراح آخر يتلخص في إنشاء صندوق ابتكار بقيمة 40 مليار دولار، حيث تقدم المجتمعات المحلية مقترحات وتكافئ الحكومة الفيدرالية المقترحات التي تفضلها بأموال نقدية يمكن استخدامها لدفع تكاليف بناء أو تجديد المنازل.
إن القواعد التي تحد من البناء محلية للغاية، والحدود المفروضة على الحكومة المحلية تحددها حكومات الولايات. وقد اتخذت الولايات خطوات صغيرة إلى الأمام في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، في عام 2022، ألغى المجلس التشريعي لولاية كاليفورنيا قدرة معظم الحكومات المحلية على مطالبة مشاريع البناء الجديدة ببناء أماكن انتظار إضافية إذا كانت قريبة من وسائل النقل العام.
إن أزمة الإسكان في أميركا هي جرح عميق تسبب فيه الناس بأنفسهم، وهاريس محقة في عزمها القيام بشيء ما، ولكن من الصعب على الحكومة الفيدرالية هندسة التغيير على المستوى المحلي. قد يكون ربط الإنفاق الفيدرالي على النقل بنشاط البناء هو أفضل طريقة لتحفيز التغيير.

إدوارد ل. جلاسر
أستاذ في الاقتصاد بجامعة هارفارد وزميل بارز في معهد أميركان إنتربرايز
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»